18 مارس 2011

جواب نهائي: "لا" للتعديلات الدستورية



بداية.. عزيزي القائل "نعم" للتعديلات الدستورية، اعلم أنك لست "مغفلاً" –كما تجاوز صديق في حقي منذ أيام حين كنت واقفاً معك في ذات الصف-؛ فمبرراتك تقترب كثيراً من القائل "لا". كذلك ثق أنك لن تخسر دينك حين تقول "لا" للتعديلات الدستورية؛ فالتصويت بنعم ليس واجباً شرعياً كما ألمح "الإخوان المسلمون" الذين انضموا للثورة بعد "الشعب"، وليس "دفاعاً عن دينك" كما قال وجاهر "السلفيون" الذين أجمعوا من قبل أن الثورة "خروج على الحاكم" ورفضوها.

..كذلك أطمئنك شريك الوطن: لا علاقة بين إلغاء المادة الثانية من الدستور ورفض التعديلات الدستورية؛ فما يطلبه الرافضون هو دستور جديد يحمي مكتسبات الثورة، ويضمن أن يحكم بلادنا رئيساً منزوع "الإلوهية" يمكن محاسبته. رئيساً يأتي على دستور، لا أن يأتي لنا بدستور. وإن وجدت هذا الدستور بغير "المادة الثانية من الدستور" سيكون من حقك أيضاً أن تقول "لا" وترفضه.

عزيزي تذكر جيداً: "الثورة" أتت لك بصندوق نظيف شفاف قادر على إيصال رسالتك.. واستفتاء السبت مرة أولى لتذوق الحرية، ولكنها ليست أخيرة.

الآن.. دعني أخبرك جوابي النهائي: سأقول "لا" للتعديلات الدستورية.

لم يكن الإعلان عن رأيي في أي مسألة سياسية صعباً، دائماً وطوال عمري، كانت الإجابة سهلة، بل وسهلة جداً. أما إجابتي تلك، فكانت صعبة صعوبة تصديق واستيعاب نجاح الثورة و "خلع" مبارك.

لا أخفي عليك؛ لست قادر على إقناعك قناعة كاملة بسيناريو "لا"، كذلك لم أستطع الدفاع بشكل كافي منذ أيام عن دعمي لخطة "نعم"، ولكن طالما كانت المشاركة لا مفر منها، فـ "لا" هي الأولّىَ؛ طالما من يستفتونا غير قادرين على توضيح الرؤية.

سأقول "لا" ليس هروباً من الكلام الأبله عن "خيانة دم الشهداء"، ولكن رغبة في دستور جديد واضح، وهروباً من "مأزق دستوري" سيضع الجيش نفسه في حال العودة لدستور 71؛ فوقتها لن يكون ذو صفه، ولن يكون من حقه الإشراف على "أي شيء"؛ فوجوده مستمد من "تعطيل الدستور" ومن شرعية "الثورة" التي ستنتهي بالعودة إلى الدستور الذي أسقطته.

سأقول "لا" دعماً للاستقرار؛ فمع "نعم" –وفقاً للسيناريو الأوضح حال الموافقة على التعديلات- ستجرى انتخابات مجلس شعب في سبتمبر، و مجلس شورى في "ديسمبر" ثم يجتمع المجلسان لتشكيل لجنة من 100 عضو تنتهي بوضع دستور جديد بعد 6 شهور، دون وضوح "هل يأتي الرئيس المنتخب قبل الدستور أم بعده؟". أما مع "لا" فالسيناريو الأقرب للتنفيذ وقتها هو "تشكيل لجنة لوضع دستور جديد" نبني عليه الدولة، لا أن تأتي دولة تستمد شرعيتها من دستور مشوه؛ لتبني دستور جديد.

"خلونا أحسن نشتغل على نضافة".

17 يناير 2011

في حب فاطمة (2).


في مثل هذا اليوم منذ عشرين عامآ، ولدت مفتتحة عام 1991، لم يكن قدومها هينآ على الأبوين؛ فقد تأخر قدومها قرابة عامين لأسباب غير معلومة‎.. ربما استغرق صفار شعرها وقتآ أطول أو أخذت عيناها الحائرة مابين الخضار والزراق فترة أكبر لتحديد لون قدومهما إلي تلك الحياة.
كان الحدث جللآ في محل ميلادها؛ فهدوءها عصي على الفهم، تتلفت ناظرة في الوجوه رغم أن عمر الفتاة لم يتجاوز بضع ساعات بعد. بدا الحضور مكتملآ؛ حيث الأعمام والخالات، الجد و الجدة، حتى الطبيب لم يغادر فقد قرر الانتطار لعل ذات الوجه الملائكي تبوح بسر هذا الصمت الحائر. داعبها الأب الذي لم يكن قد قرر بعد مناداتها بفاطمة: "إنطقي يابت ساكتة ليه؟ مستنية مين؟..
لم تلتفت قرة عينه إليه، فقط تنصت محاولة فهم عبارة صداها بعيد. عبارة يرددها طفل لم يكمل عامه الثاني بعد، كان صراخه عاليآ يحاول لفت انتباه حبيبة أدرك قدومها.
ملت الفتاة عجزها عن تفسير العبارة، وانطلقت في حياتها تملأ الدنيا بهجة وفرحة وحب وسرور.. وقبل مايزيد عن عام، إلتقت فاطمة حبيب أخبرها "أنا هذا الطفل الذي ملأ حياتك صراخآ فور قدومك قبل عشرين عامآ".. أخبرها عن تلك العبارة التي فشلت هي في حل شفرتها قائلآ: "هاآنذا يا فاطمة.. إني قادم".. كان ندائي لكي دومآ.