17 سبتمبر 2008

مائة راكب وبقرتان - جريدة البديل

محمد السنهورى
بقدر ما كان نهر النيل ضرورياً لحياة أهالي جزيرة الوراق 50 ألف نسمة كان عائقا أمام حياة أخري يحتاجونها، حياة لا تقل أهمية عما يوفره لهم النهر، حياة تضم وظيفة ومدرسة وجامعة وحياة وتجارة، احتياج يتمثل في سيارة إسعاف لا بد من دخولها لإنقاذ أحد أهالي الجزيرة، أو سيارة مطافيء يصبح وجودها نجدة للجزيرة بأكملها، كل هذا لا بد أن يمر من طريق واحد .. في "المعدية".انتقلت «البديل» إلي جزيرة الوراق للتعرف عن قرب علي تلك المعدية وبمجرد وصولنا إلي شاطئ شبرا الخيمة المقابل لجزيرة الوراق، بحثنا عن المعدية ولكن لم نجدها، وجدنا أناساً وبضائع ودراجات وماشية، وعلمنا أن الجميع في إنتظار وصول المعدية التي أخبرونا أنها في بعض الأحيان قد تتأخر نصف ساعة، وبعد فترة من الانتظار ها هي تبدو قادمة في الأفق .. حين اقتربت لم نتخيل أنها قد تستوعب هذا الكم من البشر، وكل تلك البضائع، ولكن بمجرد وصولها عبر الجميع علي ثلاثة ألواح خشبية لا يزيد عرضها علي 50 سم، ركبوا محملين ببضائعهم ودراجاتهم بما في ذلك بقرتان شاركتا البشر في رحلتهم ، مائة راكب .. وعشرة أطواق نجاة .ركبوا وركبت «البديل» وبالفعل تحركت المعدية، ولا حظنا ربط مركب يحمل أنابيب الغاز بالمعدية لنقله إلي جزيرة الوراق دون أن يثير ذلك اعتراض أحد من الركاب فتوجهنا إلي أحدهم، سمير شكري، وسألناه عن رأيه في المعدية والمشاكل التي يواجهونها، فأجاب بأنها "كويسة ولا مشكلة سوي تأخر وصولها في بعض الأحيان إلي مايقرب من نصف الساعة .. وعوامل الأمان موجودة" .وكم كانت طمأنينة سمير غريبة علي أسماعنا، فلا أطواق نجاة كافية العبارة ليست بالارتفاع الكافي عن سطح الماء فأنت تجلس ولك أن تمد يدك لتلامس الماء، لا يعبأ بالماشية التي تركب معه، ولا حتي بالقنابل الموقوتة المتمثلة في أنابيب الغاز المحملة علي مركب مربوط بالمعدية.أخيراً رست المعدية علي شاطئ جزيرة الوراق والحمد الله، انتقلنا إلي معدية أخري سيرا علي الأقدام لما يقرب من ربع ساعة نظرا لأن جزيرة الوراق، جزيرة لا تدخلها السيارات وتقتصر وسائل النقل بداخلها علي الماشية والدراجات، وبالفعل وصلنا إلي المعدية الأخري التي تقل أهالي الجزيرة إلي مدينة وراق الحضر، وللأسف كانت أسوأ حالا فلا أطواق نجاة من الأصل ولا أي وسيلة أمان أخري، نفس الزحام والبضائع، ونفس علامات الرضا وعدم الأمل في جديد، تركنا المعدية وأهل الجزيرة المتعايشين معها وبقينا نسأل .."ولمَ كل هذا الرضي؟" <