جالس على المقهى وحدى غير راغب حتى فى الكلام , مرت ساعتان وهاتفى وحده رفيقى ، أتصفح قائمة أسماءه ، أَمر على الكثيرين مرور الكرام عدا رقم وحيد تملكتنى رغبة عارمة فى الحديث إلي صاحبه ، فصوته الدافئ هو القادر وحده على إذابة جبال من الهموم بداخلى ، فهو قادر على إستيعابى دون ان أنطق بكلمة ، فكلماته وتشجيعه وثقته بى منبع أمل لاينضب إطلاقا ، ولكن تردد لاأدرى له سببا منعنى من الحديث إليه ، راودتنى نفسى بالعودة إلى منزلى ، ومن ثم صلاة ركعتين وقراءة بعض الأيات القرأنية ، ولكنى أبدا لاأستجيب ..
أكملت جولتى داخل قائمة أسمائى لأجد إسمها ، توقفت أمامه , أتمعن حروفه متأملاً صورتها المرفقة بالإسم والرقم ، رنين صوتها الأن يداعب أذنى ، تراودنى فكرة الإتصال بها ، ولكن كيف وهى لم تعد لى ؟
الأن فقط ، أدركت سبب تلك الحالة التى تنتابنى ، نعم إشتقت إليها كثيرا ، أدركت الأن أنه لاسبيل أمامى أسلكه لنسيانها ، ألوم نفسى بشدة على قرار رأيته صائبا فى فترة إمتلأ ذهنى بها بالضغوط ، فترة تملكنى بها خوف حقيقى من مجرد فكرة فقدانها مستقبلاً رغما عنى ، فكان قرارى أن أفقدها الأن بإرادتى.
ـ الأن فقط ، أدركت كم كنت غبيا ساذجا ، أتساءل كيف كان لى أن أتخلى عنها ، وهى تلك الفتاة التى رسمت أنا أدق تفاصيلها ؟ كيف بعد أن تجاوزت كونها مجرد حلم لتصبح هى محور كل أحلامى ، وجزء لايتجزأ منها ؟
ـ الأن فقط نادم على رفض كل محاولاتها للعودة.
أغمضت عينى ، تاركا رأسى تستريح على مسند المقعد الخشبى ، ولم ألبث حتى سمعت صوت هاتفى يرن :"جاى من بلادى البعيدة ، لازاد ولا مياة ، وغربتى صاحبتى بتحوم حواليا ، وإنتى تقوليلى بحبك ؟ بتحبى إيه فيا ؟ ، وده حب إيه ده اللى من غير أى حرية؟".